التغذية والجماع قبل وبعد الحجامة من أكثر الأسئلة شيوعا لدى الناس. حيث يسأل الناس عن الجماع قبل الحجامة وبعدها هل مسموح أولا ؟ وكم من الوقت يجب عدم الجماع قبل الحجامة وبعدها؟ لقد ذكرنا في مقالنا نصائح لقبل الحجامة وبعدها أن الجماع ممنوع على المحتجم 12 حتى 24 ساعة قبل وبعد الحجامة.
التغذية قبل الحجامة وبعدها
بالنسبة إلى التغذية في الحجامة، نقسم الموضوع إلى قسمين ؛ التغذية قبل الحجامة والتغذية بعد الحجامة ونذكر بعض الأحاديث التي وردت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام ومشهور الأطباء.
التغذية قبل الحجامة
لقد جاء في خبر نُقل في كتاب مكارم الأخلاق حديث منقول عن أنس بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: الحجامة على الريق دواء وعلى الشبع داء (مكارم الأخلاق ج1 ص174عنه البحار ج62 ص126 ح79).
ونرى حديثا آخر عن أبي عبدالله (الإمام الصادق عليه السلام نهى عن الحجامة على الريق وقال: إياك والحجامة على الريق(مكارم الأخلاق ج1ص 170 ح7و8و9 عنه البحار ج62 ص124ح 58و59و60).
قد جاء في الكافي عن محمد يحيى، عن أحمد ابن محمد ابن عيسى، عن الحجال، عن ثعلبة، عن عمار الساباطي، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام (الإمام جعفر ابن محمد الصادق عليه أفضل الصلاة والثناء):
ما يقول قبلكم في الحجامة؟
قلت: يزعمون أنها على الريق أفضل منها على الطعام .
قال: لا، هي على الطعام أدرّ للعرق وأقوى للبدن.
(ج8 ص273 ح407 عنه البحار ج62 ص130 ح 98)
قد نقل عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام أيضا أنه قال : ولاتحتحجم حتى تأكل شيئا؛ فإنه أدر للعرق وأسهل لخروجه وأقوى للبدن.
(مكارم الأخلاق ج1ص170ح7و8و9 عنه البحار ج62 ص124ح 58و59و60).
وقد نقل عن الإمام الكاظم عليه السلام أنه قال :الحجامة بعد الأكل؛لأنه إذا شبع الرجل، ثم احتجم، اجتمع الدم وأخرج الداء، وإذا احتجم قبل الأكل خرج الدم وبقي الداء. (نفس المصدر السابق)
قد نرى أن الحجامة على الريق تسبب ضعفا شديدا في معظم المحتجمين. على هذا نرى أنه لاينبغي الحجامة على الريق وربما قال النبي (ص) قوله هذا بالنسبة إلى موقف خاص وربما وصف ونصح الحجامة على الريق لشخص خاص وبه ظروف خاصة.
حتى هنا عرفنا أنه لاينبغي الحجامة على الجوع لأنه يؤدي إلى الضعف في الجسم. من جهة أخرى الحجامة على الكاهل تضعف فم المعدة وتؤدي إلى الغثيان والتقيؤ. على هذا الأساس يقول المشهور الأطباء أنه يجب الاحتجام بعد الهضم الأول؛ يعني ساعتين أو ثلاث بعد تناول الطعام. لقد ذكر ابن سينا صاحب القانون في الطب أن أفضل الأوقات للحجامة الساعة الثانية أو الثالثة من النهار ولهذا يجب تناول الفطور والخضوع للحجم بعد ساعتين أو ثلاث ساعات.
من الأغذية التي ينصح تناولها قبل الحجامة: (حسب ماقلنا آنفا) العسل (المخفف أو شربة العسل)، عصير الرمان الحلو أو الرمان الحلو نفسه(قد ذكر البعض شراب الشعير أو شوربته وحتى ماء الحصرم وفيه حديث ونقاش).
من الأطعمة التي لاينصح تناولها قبل الحجامة :
الأطعمة الباردة والأطعمة ذات طبيعة باردة مثل البيض، السمك، الحليب ومنتجاته وكذلك الملح يعني الأطعمة المالحة والدسم(الأطعمة الدسمة والثقيلة).
يجدر الذكر أنه من الأحسن عدم الشرب ساعة قبل الحجامة. كذلك التواصل مع الطبيب أو ممارس الحجامة بخصوص الأدوية أو الأعشاب المتناولة يوميا وبانتظام خصوصا أدوية سيولة الدم أو الأدوية التي يتناولها أو وقفها يوم الحجامة وكيفية العودة لتناولها بعد الحجامة تحت إشرافه.
التغذية بعد الحجامة
لقد جاء في الأحاديث بعضا من الأشياء التي ينبغي أكله ولاينبغي أكله من الأئمة عليهم السلام نذكر بعضها:
لقد ذكر في المحاسن عن بعض أصحابه، عن صالح ابن عقبة، عن يزيد ابن مالك النوفلي قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وفي يده رمانة. فقال : يامعتب! أعطه رمانا، فإني لم أشرك في شيء أبغض إلى من أن أشرك في رمانة. ثمّ احتجم وامرني أن أحتجم، فاحتجمت، ثم دعا لي برمانة وأخذ رمانة أخرى(ج2 ص358 عنه البحار ج66 ص161 ح 38 والكافي ج6 ص353 ح9عنه الوسائل ج 16ص526 ح 2).
قد ذكر صاحب مكارم الأخلاق عن زيد الشحام قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام، فدعا بالحجام ؛ فقال له: اغسل محاجمك وعلقها، ودعا برمانة ، فأكلها . فلما فرغ من الحجامة، دعا برمانة أخرى ، فأكلها ، فقال: هذا يطفئ المرار(ج1ص170 ح10 عنه البحار ج62 ص124 ح61).
اقرأ أيضا : 30 نصيحة للحجامين
وقد جاء في كتاب عوالم العلوم ص150 عن الإمام الرضا عليه السلام”وامتص م الرمان المز ، فإنه يقوي النفس ويجلي(يحيي) الدم”.
كذلك نقل عن أبي بصيرعن أبي جعفر الباقرعليه السلام قال: قال أبوجعفر عليه السلام : أي شيء تأكلون بعد الحجامة؟
فقلت: الهندباء والخل.
فقال: ليس به بأس. (المصدر السابق الحديث التالي)
كما قيل من أراد أن لايشتكي كبده عند الحجامة، فليأكل في عقيبها هندباء بخلّ.
بالنسبة إلى الهندباء يقول الرازي في الحاوي (632/21) عن الهندباء : هوصالح للكبد والمعدة ونافع إذا استعمل بالخلّ بعد الفصد والحجامة.
لقد جاء في طب الأئمة عن أبي الحسن العسكري عن الإمام الهادي عليهما السلام: كل الرمان بعد الحجامة رمانا حلوا، فإنه يسكن الدم ويصفي الدم في الجوف(ج1ص71 عنه البحار ج62 ص123 ح52).
ونقل عن ابراهيم ابن السنان، عن أحمد ابن محمد الدارمي، عن زرارة، عن إبي عبد الله جعفر ابن محمد الصادق عليه السلام في كتاب طب الأئمة : أنه احتجم، فقال:يا جارية، هلمي ثلاث سكرات، ثم قال: إن السكر بعد الحجامة يورد الدم الصافي ويقطع الحرارة(ص 71 وعنه البحار ج62 ص122ح62و63).
قد ذكر صاحب الكافي بإسناده عن معتب(خادم الإمام) عن أبي عبد الله عن أبي الحسن عليه السلام قال: قال يوما يا معتب! أطلب لنا حيتانا طرية فإني أريد أن أحتجم، فطلبتها ثم أتيته بها. فقال لي: يا معتب: سكبج لنا شطرها، واشو لنا شطرها، فتغذى (تغدى)منها وتعشى أبوالحسن عليه السلام.
( حيتان جمع حوت وبمعنى السمك /سكباج: هو مرق يعمل من اللحم والخل).
لقد جاء في الكافي عن محمد ابن يحيى قال: كتب بعض أصحابنا إبى أبي محمدعليه السلام(الإمام العسكري) يشكو إليه دما وصفراء. فقال: إذا احتجمت هاجت الصفراء وإذا أخّرت الحجامة، أضرني الدم، فما ترى؟ فكتب عليه السلام : احتجم وكل على أثر الحجامة سكما طريا كباب. قال فأعدت عليه المسالة بعينها فكتب عليه السلام: احتجم وكل على أثر الحجامة سمكا طريا كبابا بماء وملح.
قال: فاستعملت ذلك فكنت في عافية وصار غذاي. (ج6 ص324 عنه الوسائل ج 17 ص54 ح1)
من أشهر النصائح في التغذية بعد الحجامة من منظر الحديث حيث جاءت في الرسالة الذهبية للإمام أبي الحسن الرضا عليه آلاف التحية والثناء إلى الخليفة مأمون العباسي نذكر قسما منها:
وخذ قدر الحمصة من الدرياق(أو الترياق في بعض المصادر) الأكبر(فاشربه وكله من غير شرب إن كان شتاءا وإن كان صيفا فاشرب الاسكنجبين المغلي) وامزجه بالشراب المفرح المعتدل(كشربة التفاح أو السفرجل)، وتناوله أو بشراب الفاكهة، وإن تعذر ذلك فبشراب الأترج، فإن لم تجد شيئا من ذلك فتناوله بعد علكه ناعما تحت الأسنان واشرب عليه جرع ماء فاتر ، وإن كان في زمان الشتاء والبرد، فاشرب عليه السكنجبين العسلي.
فإنك إذا فعلت ذلك فقد أمنت من اللقوة(مرض يميل به الوجه إلى الجانب) والبهق(بياض رقيق يعتري ظاهر البشرة لسوء مزاج العضو إلى البرودة وغلبة البلغم على الدم)والبرص(بياض يظهر في ظاهر البدن لفساد المزاج) والجذام بإذن الله تعالى.
ومص من الرمان الأمليسي(الرمان الذي لايكون في حبه نوى)، فإنه يقوي النفس ويحيي الدم. ولاتأكلن طعاما مالحا ولاملحا بعده بثلاث ساعات(بعض المصادر بثلثي ساعة) فإنه يعرض من الجرب. وإن كان شتاءا فكل الطياهيج(ج طيهوج) إذا احتجمت، واشرب عليه من ذلك الشراب الذي وصفته لك. وادهن موضع الحجامة بدهن الخيري وماء الورد وشيء من المسك. وصب منه على هامتك ساعة تفرغ من حجامتك. وأما في الصيف، فإذا احتجمت فكل السكباج، والهلام (طعام من لحم عجل بجلده، أو مرق السکباج المبرّد المصفّی من الدهن. وقیل: الهلام لحم البقر أوالعجل أوالمعز یطبخ بماء وملح، ثمّ یخرج ویوضع حتّی یذهب ماؤه، ثمّ تطبخ البقول البارده مع الخلّ، ویطرح فیه ذلک اللحم، ثمّ یؤکل.)والمصوص(طعام من لحم يطبخ وينقع في الخل أو يكون من الطير خاصة) والخامير(أو كما يعتقد البعض اليحامير وهذا تحريفه اللحم الذي ياكلونه بالخل والخردل والأبزاريعني التوابل) وصب على هامتك دهن البنفسج وماء الورد وشيئا من الكافور. واشرب من ذلك الشراب الذي وصفته لك. وإياك وكثرة الحركة والغضب ومجامعة النساء يومك ذلك.
لقد ذكر في كتاب طب الإمام الرضا عليه السلام أن أكل الملوحة واللحمان المملوحة وأكل السمك المملوح بعد الحجامة والفصد للعروق، يولّدا البهق والجرب.(ص 64 وبحار الأنوار ج 62 ص321).
ملاحظات:
لقد رأينا أن الإمام عليه السلام وصف السمك لشخص بظروفه الخاصة ولايمكن تعميم هذه الوصفة إلى الجميع.
بالنسبة إلى وصفة الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام يجب العناية إلى أن الإمام قال هذا الكلام وكتب للمأمون وربما بسبب ظروفه الخاصة. مثلا يتم وصف لحم الطير للذين يعانون من الضعف.
بالنسبة إلى الهندباء بالخلّ، يبدو أن هذا مشروب يمكن تناوله.
هناك من يصيبه الغشي بعد الحجامة بسبب ظروفه الخاصة. ينصح شرب المشروبات الحالية، السفرجل، شمّ التراب للوقاية من هذه المشكلة.
من الأطعمة الممنوعة على المحتجم نستطيع الإشارة إلى المواد الغذائية التالية:
السمك، اللبن، البيض، الموالح(كل شيء يكون مالحا) والمخلّلات.
الحجامة والتغذية قبلها وبعدها تتعلق بظروف الشخص وزمانه مثلا هل هو يعاني من مرض أو لا أو يصيبه الغشي أم لا، هل هو سمين أو نحيف، أو هل الحجامة وقائية أو العلاجية وإلخ. وصف نوع التغذية قبل الحجامة وبعدها كما رأينا يتعلق بطبيعة الشخص أيضا ويجب أن يكون من قبل الطبيب المختص أو الممارس المحنك حتى لايؤدي إلى الضرر أو تفاقم المشكلة لاسمح الله وتكون شفاءا من المرض أو وقائة منه بإذن الله تعالى.